قصة ثاني أكبر ماسة في العالم

alt=

في خضم سباق البحث عن الألماس،

حققت شركة “لوكارا” الكندية لاستخراج الألماس اكتشافاً مذهلاً في منجم كارووي ببتسوانا (جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا).. ما القصة؟

أحد المهندسين في المنجم اكتشف ألماسة تزن 2,492 قيراطاً، ما يجعلها ثاني أكبر ألماسة في العالم من حيث الجودة. هذا الاكتشاف يعيد للأذهان ذكريات الاكتشافات العظيمة مثل ألماسة كولينان (يبلغ وزنها 3 آلاف و106 قراريط) التي اكتُشفت منذ أكثر من قرن في جنوب أفريقيا وأصبحت جزءًا من مجوهرات التاج البريطاني.

يعود أصل القصة إلى عام 1969 عندما اكتُشف جسم “AK6” البركاني الغني بالألماس في بتسوانا بواسطة شركة “دي بيرز”، ولكنها اعتبرته غير ذي جدوى تجارية في ذلك الوقت. بعد عدة سنوات من إعادة التقييم، قررت “دي بيرز” بيع حصة الأغلبية في المشروع لشركة “لوكارا” في عام 2009 مقابل 49 مليون دولار، ومنذ ذلك الحين، استثمرت “لوكارا” 120 مليون دولار لتطوير المنجم وتحويله إلى مصدر للألماس عالي الجودة.

المنجم أنتج ألماسات مميزة أخرى، مثل “ليسيدي لا رونا” التي بيعت بـ53 مليون دولار. ولكن عملية الاستخراج الأولية لهذه الألماسة تسببت في تقسيمها، مما دفع الشركة إلى تركيب تكنولوجيا جديدة تعتمد على الأشعة السينية لحماية الألماسات الضخمة من التلف أثناء عملية الاستخراج، وفق تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.

يأتي هذا الاكتشاف في وقت حرج لصناعة الألماس التي تعاني من تراجع في الطلب بسبب المنافسة من الأحجار المصنعة مخبرياً والركود في إنفاق الرفاهية. يُتوقع أن يساهم هذا الاكتشاف في إحياء الاهتمام بالألماس الطبيعي وتعزيز مكانة بتسوانا كأكبر منتج للألماس في العالم.

اقرأ أيضاً: وسط تراجع الطلب في الصين .. تزايد الضغوطات على سوق الألماس العالمي

حالياً، يتم حفظ الألماسة في منشأة ذات أمان عالي في بتسوانا، بانتظار أن يتم تقييم خصائصها وتحديد اسمها الذي سيتم اختياره من خلال مسابقة وطنية في بتسوانا. مثل هذه الاكتشافات تؤكد على إمكانات الألماس في دفع عجلة التقدم الاقتصادي والاجتماعي، كما يتطلع المسؤولون إلى أن تساهم عوائد هذا الاكتشاف في تحسين حياة الأجيال القادمة في بتسوانا.

بجانب القيمة المادية الهائلة لهذه الألماسة، فإن الاكتشاف يعكس التطورات التكنولوجية التي قامت بها “لوكارا” لتحسين عمليات استخراج الألماس. تركيب تكنولوجيا الأشعة السينية بتكلفة 17 مليون دولار لم يكن مجرد استثمار في معدات، بل كان خطوة استراتيجية لحماية الأحجار الكبيرة وضمان استخراجها بشكل سليم دون إلحاق الضرر بها.

هذه التكنولوجيا الجديدة تساعد في تحديد وتمييز الألماسات قبل تعرضها لأي ضرر، مما يجعل اكتشاف الأحجار الكبيرة أكثر احتمالية ويقلل من الخسائر التي كانت تحدث في السابق.

هذا الاكتشاف يمثل لحظة حاسمة لصناعة الألماس التقليدية التي تواجه تحديات كبيرة من الأحجار المصنعة مخبرياً. وفي ظل التغيرات في أذواق المستهلكين والتوجه نحو البدائل الصناعية، يأتي هذا الاكتشاف كإشارة قوية لإعادة جذب الانتباه إلى الألماس الطبيعي. كما أنه يبرز قدرة بتسوانا على الاستمرار في قيادة السوق العالمية، ليس فقط من حيث الإنتاج ولكن أيضًا من حيث الجودة والتفرد.

على الصعيد الاقتصادي، الاكتشاف قد يكون له تأثير كبير على اقتصاد بتسوانا. الألماس يشكل حوالي 80% من صادرات البلاد وثلث الإيرادات الحكومية، مما يجعل هذه الصناعة عماد الاقتصاد الوطني. بالتالي، هذا الاكتشاف من المحتمل أن يعزز العوائد المالية ويؤدي إلى تحسينات اجتماعية واقتصادية، وهو ما تمثل في قول الرئيس التنفيذي للمجلس الدولي للتعدين والمعادن، روهيتيش داوان، وهو أحد المسؤولين المحليين: “بتسوانا أظهرت للعالم أنه من الممكن تحويل ثروة الموارد الطبيعية إلى تقدم اجتماعي واقتصادي”.

فيما تظل هناك تساؤلات حول الخطوات التالية للشركة في التعامل مع هذه الألماسة، سواء من حيث التسمية أو التسويق. يجري حالياً دراسة خيارات البيع لمتاحف أو علامات تجارية فاخرة أو حتى لمجموعات ملكية، مما يعكس أهمية هذه الألماسة كمصدر جذب استثنائي في السوق العالمية.

Exit mobile version