إقتصاد الإمارات من النفط الى التنوع – عمار صوفان خبير مالي ومصرفي

وتماشياً مع توجهات القيادة الرشيدة لبناء اقتصاد مستدام بعيداً عن النفط، فقد عملت الحكومة خلال السنوات الأخيرة وبشكل مكثف على تطوير البيئة

قناة الأثير12 سبتمبر 2024آخر تحديث :

إقتصاد الإمارات من النفط الى التنوع

كتبة :عمار صوفان / خبير مالي ومصرفي


WhatsApp-Image‏-2024-09-12-at-22.51.21 إقتصاد الإمارات من النفط الى التنوع - عمار صوفان خبير مالي ومصرفي
عمار صوفان
خبير مالي ومصرفي

منذ تأسيس الاتحاد عام 1971، سعت القيادة في دولة الإمارات إلى بناء اقتصاد قوي يعتمد أسا ًسا على استغلال الثروة النفطية التي حباها الله إياها، ولكن مع رؤية طويلة المدى تهدف إلى تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للثروة، وقد شدد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة وباني نهضتها، على أهمية إستثمار الإيرادات النفطية في بناء الإنسان الذي يُعتبر أساس ومحور التنمية الاقتصادية.


تم اكتشاف النفط في الإمارات بكميات تجارية لأول مرة عام 1958، فيما تم تصدير أول شحنة من النفط الخام من حقل أم الشيف البحري عام 1962، وتُعد الإمارات واحدة من أكبر منتجي النفط والغاز الطبيعي في العالم، حيث يبلغ احتياطي النفط الخام في الدولة 113 مليار برميل، ما يمثل 7% من الاحتياطيات النفطية المؤكدة حول العالم ,أما احتياطي الغاز الطبيعي فيبلغ 8.2 تريليون متر مكعب، وذلك وفقًا لأرقام منظمة الدول المصدرة للبترول – أوبك لعام 2023، ويُعتبر الاقتصاد الإماراتي ثاني أكبر اقتصاد عربي، حيث تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للدولة لعام 2023 بلغ 1.68 تريليون درهم، بزيادة قدرها %3.6 مقارنة بعام 2022، في حين بلغ الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للدولة عام 2023 1.25 تريليون درهم، بنمو قدره %6.2 عما كان عليه في العام 2022 بالأسعار الثابتة، ليحل بذلك الاقتصاد الإماراتي في المرتبة الخامسة عالميًا في مؤشر النمو الاقتصادي الحقيقي في اجمالي الناتج المحلي.

وتماشياً مع توجهات القيادة الرشيدة لبناء اقتصاد مستدام بعيداً عن النفط، فقد عملت الحكومة خلال السنوات الأخيرة وبشكل مكثف على تطوير البيئة التشريعية والقانونية من خلال إقرار مجموعة من التشريعات الاقتصادية الهادفة إلى الحد من البيروقراطية الحكومية وتهيئة بيئة أعمال تنافسية وجاذبة للمستثمرين ورواد الأعمال، وتشجيع الاستثمار في التكنولوجيا والمشاريع المبتكرة، ومن أهم ما قامت به الدولة من الناحيتين التشريعية والقانونية:

1. إجراء تعديلات على قوانين التملك الأجنبي حيث تم السماح للمستثمرين الأجانب بتملك الشركات بنسبة 100%، مع تسهيل عملية تأسيس الشركات من خلال إجراءات إلكترونية وسريعة لتسجيل الشركات والحصول على التراخيص.

2. إصدار القانون رقم 51 لسنة 2023 الخاص بإعادة التنظيم المالي والإفلاس، والذي وضع إطارًا قانونيًا واضحًا للشركات المتعثرة لمساعدتها على الاستمرار في نشاطها التجاري والوفاء بديونها، مما عزز من ثقة المستثمرين بالبيئة الاستثمارية في الدولة حتى في الأوقات الصعبة.

3. فرض ضريبة القيمة المضافة )VAT( في عام 2018 بنسبة 5%، وهي واحدة من أدنى نسب الضرائب في العالم، مما حافظ على جاذبية البلاد كوجهة استثمارية منخفضة الضرائب.

4. إجراء تعديلات على قوانين العمل بهدف تحسين ظروف العمالة وتوفير بيئة عمل عادلة ومنتجة، فالقوانين الجديدة تضمن حقوق العمال وتتيح استقطاب المواهب والكفاءات.

5. إصدار تشريعات لتشجيع الاستثمار في القطاعات الناشئة مثل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، فعلى سبيل المثال، تم إصدار استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي وتشريعات خاصة بالتجارة الإلكترونية وتقنية البلوك تشين، وهي تقنيات تُعتبر جوهرية في الثورة الصناعية الرابعة.

6. تطوير قوانين التحكيم التجاري لضمان حل النزاعات بشكل سريع وفعال وفقًا للمعايير الدولية، مما عزز الثقة في النظام القانوني للدولة، ومعروف أن الامارات تمتلك نظاماً قضائياً عادلاً ومتطوراً يحفظ الحقوق ويضمن سيادة القانون.

 

وتتويجًا للجهود الرامية لأن تصبح الدولة المركز العالمي للاقتصاد الجديد القائم على المعرفة والابتكار بحلول العقد القادم، تبنت الحكومة استراتيجية “رؤية نحن الإمارات 2031” كمرحلة متقدمة نحو تحقيق أهداف “مئوية الإمارات 2071″، حيث تسعى الدولة وفقًا للرؤية إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي من 1.49 تريليون إلى 3 تريليون درهم، وزيادة الصادرات غير النفطية إلى 800 مليار درهم، ورفع ترتيبها لتكون بين أفضل 10 دول عالميًا على مؤشر التنمية البشرية بحلول عام 2031.

وتستند هذه الرؤية الطموحة إلى مقومات واقعية تتفرد بها دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ تتمتع الدولة بموقع استراتيجي هام يتيح لها الوصول إلى الأسواق العالمية بسهولة ويعزز مكانتها كمركز تجاري واقتصادي إقليمي وعالمي. كما تمتاز بقطاع مالي ومصرفي متطور يضم عددًا من البنوك المحلية والدولية التي تمتلك احتياطيات مالية قوية. بالإضافة إلى بنية تحتية تعتبر من بين الأفضل في العالم تشمل المطارات والموانئ وشبكات الاتصال، مما جعل الإمارات مركزًا إقليميًا للعديد من الشركات العالمية والمتعددة الجنسيات، بما في ذلك شركات الخدمات المالية والتكنولوجية والدعم اللوجستي. يضاف إلى ذلك وجود عدد من المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية المتخصصة التي توفر العديد من المزايا للمستثمرين، مثل الإعفاءات الضريبية والإعفاء من رسوم الاستيراد والتصدير. كما تعتبر الإمارات موطناً لعدد من أكبر الصناديق السيادية في العالم، يأتي على رأسها جهاز أبوظبي للاستثمار بأصول تقدر بـتريليون دولار أمريكي حسب بيانات معهد صناديق الثروة السيادية SWFI، يليه عدة صناديق أخرى مثل مؤسسة دبي للاستثمار، مبادلة، وأبوظبي التنموية القابضة، بأصول مالية كبيرة تسهم في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة. وتتميز الإمارات أيضًا بوجود بيئة أعمال منفتحة وجاذبة مع إمكانية تملك كامل للأجانب للشركات دون الحاجة إلى كفيل، إلى جانب جودة الحياة ومستويات المعيشة المرتفعة للمواطنين والمقيمين على حد سواء.

ونتيجة للجهود الصادقة والمخلصة التي بذلتها الحكومة، فقد ارتفعت مساهمة القطاع غير النفطي بحسب آخر التقديرات الًى %74 تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي للمرة الأولى، كما تم إختيار الامارات كأفضل دولة في العالم لريادة الأعمال، إذ تصدرت الدولة الترتيب العالمي لريادة الأعمال وذلك للعام الثالث على التوالي بحسب آخر تقرير للمرصد العالمي لريادة الأعمال )Global Entrepreneurship Monitor ( والصادر في العام 2024/2023، متفوقة على اقتصادات كبرى ومتقدمة، ولتثبت الامارات أن لا مكان لكلمة “مستحيل” في قاموسها وبأن سباقها نحو التميز ليس له خط للنهاية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.