شبيه الحُب ..!!
أحمد سليمان النجار
عندما اجتاح العالمَ رعبُ مرضِ ( جنون البقر ) ، قررتْ مجموعة من أبقار العالم الاجتماع لمناقشة هذا الأمر , وبالفعل اجتمع البقر , وكانوا يتناقشون بجدية في الأمر لعلهم يصلون لحلٍ ما , إلا بقرةً واحدةً كانت تجلس ملتزمة الصمت وتضع قدماً على أخرى على طرف الطاولة المستديرة , ويظهر عليها الاشمئزاز من الجميع وعدم الاقتناع بالمرض , فسألوها :
مارأيكِ في الأمر ؟
أجابتْ بتعالٍ واضح :
أنا لاعلاقة لي بالأمر , أنا حُصان .!!!
( طلعتْ منتهية …) 🤪
تُشيرُ أصابع الاتهام لعامل ( البريون) والمتسبب به – كما يُقال – أن المواشي تتغذي على حيوانات نافقة مريضة ..!!
وهناك أسباب كثيرة تدفع المُربين لفعل ذلك , ومايهمني منها , هو السعي لخفض تكاليف تغذية المواشي , ونفس هذا السبب هو مادفع شركات الحليب والألبان لاستبدال الدهن الطبيعي بالزيت النباتي في إنتاج الحليب ومشتقاته , مما أدى لظهور مايُسمى بـ ( شبيه الحليب أو الجبن …) ..!!
لكل شيء في الدنيا شبيه , وهذا قد يكون ضاراً أو نافعاً , فهناك رياضة , وهناك مايُظن أنها رياضة , ولكنها على الحقيقة هي ( شبيه رياضة ) , وهناك تعليم و ( شبيه تعليم ) وهناك فن و ( شبيه فن ) , وهذا ( الشبيه ) ليس محور حديثي هنا , ولكن محور حديثي , هو أن الخطورة الحقيقية تكمن في وجود مايُسمى بـ ( شبيه الحب ) ..!!
الحب مخلوق عظيم , صحيح أن عمره قصير للغاية , ولكنه قبل أن يموت يُسلم المُحبين إلى مرحلة أعلى وأعمق وأعظم منه بكثير , أو تغتاله التصرفات والممارسات والإساءات المتكررة والمقصودة – قبل أن يفعل ذلك – فيتيه من كانوا متدثرين بدفئه في صحراء الكراهية والبغضاء الباردة حد الاحتراق ..!!
هناك مشاعر كثيرة تُشبه الحب , ولكنها على الحقيقة ليست حُباً , وإن كان يظنها العابرون بها حُباً ..!!
قد تكون إعجاباً عابراً في شخصٍ ما , فيظنه حُباً , وهذا الإعجاب – في الغالب – لأن المُعجب يرى وجهاً واحداً للمُعَجَبِ به , وهذه الرؤية قد تكون مُتعمدة من المُعجب بهِ نفسه , فيحرص أن يُظهر للطرف الآخر أجمل وأروع وأطيب مافيه , لأنه أجاد قراءة الشخص الذي أمامه وعَلِمَ ماينقصهُ أو مايعجبه ويرتاح إليه , فأظهر له هذا الجانب باحترافٍ بالغ , لحاجة في نفس يعقوب , وغالباً لاتكون هذه الحاجة بريئة ..!!, أو أن هذا التركيز تم دون وعي من المُعجَب ، لأنه واقعٌ تحت تأثير مايُسمى بـمتلازمة المربّع المفقود ( The Missing Tile Syndrome)
, وهذا الشعور الشبيه بالحب , لايلبث أن يزول عندما يختلط الطرفان ببعضهما اختلاطاً كاملاً , فتصبح كل الجوانب – حتى المخفية منها – واضحة جلية ، وكما يقول أهل جدة :
( نشفت البِركَة وبانت ضفادعها ..!!)
وقد تكون تلك المشاعر حاجة – من أي نوع كانت – نفسية , عاطفية , مادية , جنسية … , فتُحدِثُ في النفس مايُحدثه الحب من تَعلق , وهذا النوع من شبيه الحب , هو سحابة صيف سماء العاطفة , تتفرق سريعاً – وكأن لم تكن – عندما تنتهي الحاجة أو ينقضي الوطر ..!!
وللأسف أن مُعظم النهايات المؤذية والعنيفة لكثير من العلاقات التي كانت قائمة تحت مظلة الحب , كان يُظن أنها حُباً , وهي مُجرد ( شبيه بالحب ) ..!!
وكأي شبيه , هو ليس كالأصل أبداً , ولكنه الأكثر ، لأنه الأرخص والأقل تكلفة , وأحياناً الألذ طعماً والأسهل استخداماً , ففعلاً ، شبيه الجبنة السائلة – مثلاً – حسب ذائقتي وذائقة كثير ممن سألتهم , ألذ طعماً من الأصلية وأكثر سهولة عند الدهن والفرد ..!!
ولكنها – وكما تُشير بعض الدراسات – أقل فائدة صحية وغذائية من الأصلية , وكذلك شبيه الحب ..!!
ومؤخراً ألزمت حكومتنا العظيمة الشركات بكتابة كلمة ( شبيه ) على منتجاتهم , إن كانت كذلك , ولكن المشاعر من الصعب أن يأتي مكتوب عليها ( شبيه حُب ) ..!!
تنويه :
عند السؤال عن سبب جنون البقرة الحصان , تبين أن مرض جنون البقر ليس هو المسؤول , ولكنها تمر بصدمة عنيفة , بعد أن اكتشفتْ أن زوجها ثور ..!!😁
أحمد سليمان النجار