منذ اليوم الأول لتأسيس الاتحاد، أدركت القيادة الرشيدة بحكمتها المعهودة أهمية الاستثمار بالعنصر البشري، وكان على رأس الاولويات الاستثمار في المرأة الاماراتية وتعزيز دورها في دفع عجلة التنمية الاقتصادية….
عمار صوفان
خبير مالي واقتصادي
كان لدى القيادة قناعةً راسخة بأن الوطن يحلق بجناحيه (المرأة والرجل) وبأنه لا يجوز بحال أن يبقى نصف المجتمع معطلاً عن العمل والانتاج والتنمية، وبالتالي لا بد من تمكين المرأة الاماراتية واعطاءها الفرصة التي تستحقها للنهوض بمسؤولياتها ولإثبات جدارتها كشريك موثوق في بناء صرح الوطن واعلاء شأنه.
ضمن ضوابط الشريعة الاسلامية السمحة والقيم والعادات العربية الأصيلة وبما يتناسب مع طبيعة المرأة، وقد كانت الحكومة حريصة لتحقيق رؤية القيادة الرشيدة حيث تم منح المرأة الاماراتية حقوقها الدستورية كاملةً غير منقوصة، حيث كفل الدستور الإماراتي هذه الحقوق وأقر مبدأ المساواة بين المرأة والرجل دون تمييز ونصّ الدستور على حقها في التعليم، وشغل الوظائف الحكومية والخاصة وحق الانتخاب والترشح تاريخياً.
انطلق العمل النسوي بدولة الامارات العربية المتحدة بشهر فبراير عام 1973 مع تأسيس “جمعية نهضة المرأة الضبيانية”، اللتي تعتبر أول تجمع نسائي في الدولة وكانت الجمعية تهدف الى ايصال صوت المرأة في امارة أبوظبي والتعبير عن همومها وتطلعاتها المشروعة، ليتوالى بعدها إنشاء الجمعيات في مختلف إمارات الدولة….
تلا ذلك بسنتين وبمبادرة طيبة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الامارات) تأسيس الاتحاد النسائي العام الذي انضوت تحت لوائه كافة الجمعيات النسائية في إمارات الدولة اقتداءً بالنهج الوحدوي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه…
ومعروف أن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك هي رائدة العمل النسوي في الدولة وبأنها قدمت دعماً لامحدوداً للمرأة الإماراتية، ووفرت لها كل مقومات النجاح والإبداع والابتكار، والنتيجة هي ما نرى لا ما نسمع “المرأة الاماراتية اليوم دخلت كافة المجالات وتصدت للمهام الملقاة على عاتقها بكل كفاءة وجدارة، جنباً الى جنب مع الرجل، و غدت محط اعجاب كل فئات المجتمع”
وقد أطلقت حكومة دولة الامارات العربية المتحدة العديد من المبادرات التي تهدف لتحقيق رؤية القيادة بشأن تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في مواقع صنع القرار ما ساهم بالارتقاء بتصنيف الدولة بكافة التقارير والمؤشرات العالمية ذات الصلة.
فبحسب آخر تصنيف لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي (UNDP) لسنة 2024 حلت الامارات السابعة عالمياً والاولى عربياً بمؤشر المساواة بين الجنسين، ومن أهم المبادراات الرامية لتمكين المرأة الاماراتية الاعلان عن تأسيس مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، واعتماد استراتيجية التوازن بين الجنسين لدولة الامارات (2026) المنبثقة عن مستهدفات خطة الخمسين، واطلاق السياسة الوطنية لتمكين المرأة (2031) بمبادرة من سمو الشخة فاطمة بنت مبارك (أم الامارات).
وقد تطور الدور الاقتصادي للمرأة الاماراتية خلال مرحلتين متميزتين ومتمايزتين
المرحلة الاولى:
مرحلة تمكين المرأة اقتصادياً وتهئيتها لدورها القادم عبر دمجها في سوق العمل ومشاريع ريادة الاعمال
المرحلة الثانية:
مرحلة المساهمة الفعلية للمرأة الاماراتية في عملية الانتاج و التنمية الاقتصادية.
خلال المرحلة الاولى عملت الحكومة على سن قوانين وتشريعات تهدف الى تمكين المرأة ودمجها في سوق العمل والقطاعات الانتاجية المختلفة بصورة تدريجية ومتوازنة كما حرصت على إطلاق المبادرات والبرامج التوعوية لمن يرغبن بخوض غمار العمل الحر كرائدات أعمال وصاحبات مشاريع صغيرة ومتوسطة، وذلك من خلال دعمهن لاكتساب الخبرات والمهارات الخاصة بادارة المشاريع وتسويق المنتجات، دون اغفال للدور الاساسي للمرأة كأم وزوجة ومربية وبما يضمن تعزيز الاستقرار المجتمعي وتماسك الاسرة المواطنة.
تلا ذلك المرحلة الثانية والتي انتقلت خلالها المرأة من التمكين والتأهيل الى المساهمة الاقتصادية الفاعلة على الأرض، وها هي اليوم متواجدة وبقوة في جميع مجالات العمل والانتاج، وأصبح لها بصمة مميزة وواضحة في النهضة الاقتصادية الشاملة التي تشهدها الدولة على كافة المستويات.
أورد فيما يلي مجموعة من الارقام عن اسهامات المرأ ة الامارتية على المستوى الاقتصادي (والارقام مستقاة من مواقع رسمية).
1. تشكل النساء اليوم 46.6% من سوق العمل ويشغلن 66% من وظائف القطاع الحكومي.
2. بحسب البيانات الصادرة عن مجلس التوازن بين الجنسين بلغ عدد النساء العاملات سنة 1975 بحدود ال 1000 امرأة في حين انه في سنة 2015 بلغ العدد 123 الف امرأة عاملة ما يعكس النتائج المثمرة للمبادرات والجهود الحكومية.
3. وفقاً لمعالي عبد الله بن طوق – وزير الاقتصاد – بلغ إجمالي عدد الرخص التجارية اللتي تمتلكها إماراتيات أكثر من 135 ألفا رخصة لغاية شهر أغسطس الماضي مقارنة بـ 110 آلاف رخصة بنهاية العام 2023 أي بنسبة زيادة قدرها 23% خلال 8 أشهر فقط والرخص موزعة على أنشطة اقتصادية مختلفة متل السياحة وتكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والتأمين والأنشطة الإبداعية (تصريح معالي وزير الاقتصاد عبد الله بن طوق لووام بتاريخ 27 أغسطس 2024).
4. يشكل قطاع صاحبات الأعمال 10% من اجمالي القطاع الخاص الاماراتي حيث تقوم السيدات بادارة مشاريع بقيمة تزيد على ال 40 مليار درهم.
5. تشغل النساء 15% من مناصب مجالس إدارة غرف التجارة والصناعة على مستوى الدولة.
6. تم تأسيس مجالس سيدات الاعمال بكل من امارة أبوظبي، دبي والشارقة لدعم وتمكين مجتمع الاعمال النسائي من خلال توفير البرامج التدريبية، والتوجيه وتسهيل الدخول الى الاسواق والترويج للمنتجات.
7. (14) سيدة اماراتية ضمن قائمة فوربس الشرق الاوسط لأقوى سيدات الاعمال وأكثرهن تأثيراً في المنطقة لسنة 2024.
8. 70% من خريجي الجامعات الحكومية و56% من خريجي تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) هم من الاناث، ما يعني ان المرأة الاماراتية هي من تضع محددات وترسم شكل سوق العمل المستقبلي.
9. تشغل النساء حوالي 75% من الوظائف في قطاعي التعليم والصحة مع ما لهذين القطاعين من أثر مباشر على قطاع الاعمال.
10. يضاف الى كل ما سبق ان مجلس الوزراء يضم اليوم 9 وزيرات من أصل 37 وزيرا ونسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي 50% مناصفةً مع الرجل، هذا بخلاف دخول المرأة للسلك الدبلوماسي والقنصلي، وصحيح ان هذه المكتسبات تتصل مباشرة بالشأن العام الا ان هؤلاء السيدات يسهمن بدورهن ،وكل من مركزها، بدعم وتنمية الاقتصاد الوطني.
الجميع متفق اليوم على ان المرأة الاماراتية حققت وتحقق الانجاز تلو الانجاز ، ما اعتبره الكثيرون قصة نجاح ملهمة للكثير من النساء حول العالم….
ولا يسعنى بمناسبة يوم المرأة الاماراتية الذي احتفينا به قبل أيام الا ان أهنئ المرأة الاماراتية على مكتسباتها وانجازاتها، في ظل دعم وتبنٍّ كامل لها ولمبادرتها من قبل القيادة الرشيدة وأن أهنئ كذلك دولة الامارات العربية المتحدة ببناتها ونسائها اللاتي كن قدر المسؤولية وأثبتن بأنهن لا يعرفن ولا يعترفن بالمستحيل.