دراسات كشفت انتشاره عالمياً بصورة مقلقة
شرطة دبي تكافح التدخين الإلكتروني بين الطلبة بـ «حماية»
أطلق «مركز حماية الدولي» بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي حملة مكثفة لمكافحة التدخين الإلكتروني بين المراهقين والشباب، خصوصاً من طلبة المدارس،
في ظل دراسة أجراها المركز حول انتشار هذا النمط من التدخين عالمياً لدرجة مقلقة.
وقال مدير مركز حماية الدولي، العميد دكتور عبدالرحمن شرف المعمري، لـ«الإمارات اليوم»،
إن التدخين الإلكتروني أصبح منتشراً بشكل واضح بين المراهقين من مختلف الأعمار بين الجنسين، لافتاً إلى أن المركز أعدّ حملة للتوعية بمخاطره وآثاره الصحية المدمرة،
استخدم فيها تقنيات متطورة، مثل الهولوغرام مع بدء العام الدراسي 2024-2025.
وأشار إلى أن سهولة الحصول على أدوات التدخين الإلكتروني، فضلاً عن تصنيع نحو 16 ألف نكهة مختلفة، وبيعها في أشكال مختلفة، مثل الولاعة والقلم والهاتف،
جذبت فئات لم تكن تجرؤ سابقاً على التدخين في صورته التقليدية، مثل الفتيات، مؤكداً أن مجتمعنا ليس بمعزل عن المخاطر التي تحيق بالأطفال والمراهقين عالمياً،
بسبب التدخين الإلكتروني الذي تصل نسبة انتشاره بين الطلبة إلى 30% في بعض الدول.
وتفصيلاً، أعدّ مركز حماية الدولي دراسة شاملة حول مخاطر التدخين الإلكتروني، كشفت عن أن مصنعي هذه السموم أضافوا إليها 16 ألف نكهة مختلفة، لضمان إغراء أكبر عدد من الأشخاص لتدخينها.
وأوضحت الدراسة أن هذه المخاطر الصعبة لا تقتصر على بلد أو منطقة بعينها، بل صارت عابرة للحدود، وتنتشر بشكل مخيف في أوساط الشباب والمراهقين، حتى تحولت إلى موضة مدمرة صحياً.
وتناولت الدراسة آلية تصميم أجهزة التدخين الإلكتروني، بما يؤثر مباشرة على وظائف الدماغ والأعصاب، إذ إنها تعمل ببطاريات تتولى تسخين سائل وتحويله إلى بخار يدخنه المستخدمون،
لينقل هذه السموم مباشرة إلى الرئتين، فتتسبب في تهيجهما وتلفهما مع مرور الوقت، ما يفضي إلى الموت، فضلاً عن ارتفاع مؤشر خطر الإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي، والأوعية الدموية، والسرطان.
وأشارت إلى أن الأرقام والإحصاءات العالمية الموثقة تكشف عن حقائق مقلقة لا يمكن تجاهلها، فبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية لعام 2021 تراوح نسبة انتشار التدخين الإلكتروني بين المراهقين في دول عدة بين 5% و30%.
وأظهرت دراسة أجرتها إدارة الغذاء والدواء الأميركية لعام 2022 أن 14.1% من طلاب المدارس الثانوية في الولايات المتحدة يدخنون السجائر الإلكترونية،
فيما تصل نسبة المدخنين بين الطلبة من سن 11 إلى 18 عاماً في بريطانيا إلى 7%، بينما جربها 14% منهم على الأقل مرة واحدة،
كما أن النسبة وصلت إلى 20% من طلبة الثانوية في كندا، و6% من تلاميذ المدارس الابتدائية الذين تراوح أعمارهم بين 10 أعوام و11 عاماً قاموا بتجربتها.
وأفادت بأن الدول العربية تعاني بدورها هذه المشكلة، إذ كشفت دراسة أجرتها جامعة الكويت في عام 2022 أن 12.8% من طلاب المدارس الثانوية مدخنون إلكترونيون.
فيما ذكرت دراسة محلية، أجرتها كلية الطب والعلوم الصحية، أن 9.9% من طلاب الثانوية العامة في دولة الإمارات استنشقوا سموم التدخين الإلكتروني مرة واحدة على الأقل في حياتهم، وتصل النسبة بين الذكور إلى 13.8% مقابل 5.7% بين الإناث.
وأوضحت الدراسة أن الخطر لا يقتصر على التدخين العابر، إذ تقدر النسبة بنحو 3.1% من طلبة المدارس الثانوية الذين يدخنون هذه السجائر الإلكترونية،
الأمر الذي يستدعي توعية مستمرة، وحرص مركز حماية على القيام بدوره كاملاً فيها
وقال الدكتور عبدالرحمن شرف المعمري إن هناك إشكالية أخرى تتعلق بالتدخين السلبي لهذه السجائر، خصوصاً في ظل استهتار البعض ولا مبالاتهم بتدخينها في المنازل أو السيارات،
معتمدين على روائحها الزكية، لافتاً إلى أن دراسة أجرتها جامعة ديوك الأميركية توضح أن التعرض لدخان سوائل هذه السجائر قد يؤثر سلباً في نمو الدماغ وتطور الجهاز التنفسي لدى الأطفال، ما يعني حرمانهم من فرصة النمو الصحي.
وأوضح أن أحدث الدراسات العلمية لعام 2023 كشفت عن نتائج تحليل تأثير التدخين الإلكتروني على الدماغ من خلال فحص عينة من 500 شخص مدمنين على هذه السجائر،
تراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً، وأظهرت أنهم يعانون تدهوراً في القدرات الذهنية بنسبة 25%، مقارنة بأقرانهم غير المدخنين.
وأضاف المعمري أن من المضاعفات الخطرة كذلك سهولة الإدمان على التدخين التقليدي بالنسبة لمدخني السجائر الإلكترونية،
لافتاً إلى أن دراسة أخرى أجرتها جامعة كمبريدج كشفت أن مدخني هذه السجائر أكثر ميلاً للعنف بنسبة 65%، مقارنة بأقرانهم غير المدخنين.
وأشار إلى أن هناك علاقة بين تدخين هذه السجائر والإدمان على المخدرات، بحسب دراسة أجرتها جامعة مينيسوتا،
إذ تزداد نسبة خطورة التورط في تعاطي المخدرات من قبل مدخنيها إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بغيرهم.
وتابع المعمري أن الدراسة التي أجراها مركز حماية اعتمدت على رصد مدقق لنتائج البحوث المتعلقة بهذه المخاطر،
وشملت دراسة طبية أميركية أجريت على 1000 طالب جامعي، تراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً، وأثبتت أن مدخني السجائر الإلكترونية يعانون تدهوراً ملحوظاً في القدرات الذهنية،
وانخفاضاً في التركيز والذاكرة والتفكير الإبداعي بنسبة 30% مقارنة بغيرهم.
كما انخفض الأداء الأكاديمي لطلبة الثانوية العامة المدخنين إلكترونياً بنسبة 40% مقارنة بزملائهم، وهي نتيجة مباشرة لارتفاع مستويات النيكوتين والمواد الكيميائية الأخرى التي يتم استنشاقها،
فضلاً عن أن المدخنين أكثر تغيباً عن الدراسة والحصص.
وقال إن النتائج السلبية طالت الجانب النفسي كذلك، إذ كشفت دراسة أجرتها مجلة الصحة العقلية والطب النفسي عام 2021 أن المراهقين الذين يدخنون السجائر الإلكترونية أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بواقع ضعفين ونصف، مقارنة بغير المدخنين.
وأضاف المعمري أنه «في ظل المخاطر التي تحيق بمدخني هذه السموم، خصوصاً من طلبة المدارس، يتحتم اتخاذ إجراءات رادعة للحد من انتشارها، وتضافر كل الجهود على المستويين التوعوي والتنظيمي،
وتحمل كل طرف مسؤوليته، خصوصاً من قبل الأسر والمدارس».
ولفت إلى أن هناك أسباباً تساعد في انتشار تدخين هذه السموم، منها سهولة شرائها، إذ تباع في كل مكان، والأطفال يطلبون من أصدقائهم الأكبر سناً شراءها لهم،
فضلاً عن أن وجود آلاف النكهات لها يغريهم بذلك، إضافة إلى أشكالها الجذابة، مثل تصنيعها على شكل ساعة أو موبايل أو قلم أو ظفر.
وقال إن تدخين هذه السجائر مقدمة لإدمان أكثر خطورة، لأن تأثيرها يقل مع مرور الوقت، ويبحث المدخن عن نوع جديد له مفعول أقوى،
لافتاً إلى أن شرطة دبي تبذل ما بوسعها للتوعية بمخاطرها من خلال مركز حماية، وهناك مدارس طلبت مشاركتنا في حملات التوعية، بعد أن لمست انتشار هذه السجائر بين طلبتها.
وأضاف أنه في السابق كان من الصعب على الطلبة تدخين السجائر العادية، فحين يفعل ذلك أحدهم في حمام المدرسة أو مرفق ما يتم كشفه فوراً من الدخان والرائحة،
أما الآن فحين تدخل الحمام وراء أحدهم تجد رائحة زكية هي للأسف من مكونات السجائر الإلكترونية.
وتابع أن مركز حماية كثف حملاته بين الطلبة، بالتزامن مع بداية العام الدراسي، في ظل رصد زيادة انتشار التدخين الإلكتروني،
وفي إطار هذه الحملة يقدم المركز حزمة من الأنشطة والفعاليات حول مخاطره، مستخدماً وسائل مبتكرة وحديثة للوصول إلى الفئات المستهدفة من طلبة وآباء ومعلمين وإدارات مدارس.
وأشار إلى أنه في خطوة مبتكرة، يستخدم المركز تقنية الهولوغرام ثلاثية الأبعاد لعرض تأثير مخاطر التدخين الإلكتروني على صحة الإنسان بشكل تفاعلي ومؤثر، وبلغ عدد المستفيدين بهذه العروض 3500 طالب.
كما عزز المركز التوعية من خلال منصات التواصل الاجتماعي، مستهدفاً الشباب برسائل مباشرة وصلت إلى 13 مليون مستفيد.
ولفت إلى أن المركز استفاد من طلبة أكاديمية شرطة دبي المتميزين في فنون الإلقاء والتأثير لتوعية أقرانهم من الطلبة، في ظل أنهم ينتمون إلى الجيل ذاته، ولديهم قدرة أكبر على إجراء حوارات عميقة ومؤثرة.
وأوضح المعمري أن المركز أعد برنامجاً علمياً وفنياً وإعلامياً متكاملاً، معززاً بأحدث تقنيات الاتصال، لنشر رسائل فاعلة حول مخاطر التدخين الإلكتروني، شارك فيها 40 مؤثراً اجتماعياً.
وأكد أن هناك مساعي حثيثة من المركز لخفض نسبة مدخني السجائر الإلكترونية بين طلبة المدارس، لافتاً إلى أن هناك نتائج ملموسة للجهود المبذولة،
إذ اختفى هذا السلوك بين الطلبة خلال الدورات الموسمية التي يقدمها المركز،
مشيراً إلى أن الحملة مستمرة على مدار العام الدارسي، لضمان وصول نسبة الاستفادة إلى جميع الطلبة، وتشجيعهم على تجنب هذا النوع من التدخين كلياً.