كشف مسؤولون بارزون وخبراء مشاركون في ندوة استضافها نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، تحت عنوان «إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية»
عن دراسات تؤكد احتمالات زيادة نسبة هطول الأمطار في الدولة إلى نحو 40% خلال السنوات الـ10 المقبلة، وأوصى المشاركون في الندوة بتشكيل لجنة للتعامل مع الأمطار الغزيرة والسيول.
وتفصيلاً، قال نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، إن «التغيرات المناخية التي نواجهها اليوم من أكبر التحديات التي تؤثر في الأفراد والمؤسسات والدول على حد سواء،
فالأمطار الغزيرة والسيول ليست مجرد ظواهر طبيعية، بل هي محكّ لقدرتنا على التخطيط الفعّال والاستجابة العاجلة، للتقليل من آثار الأزمات وحماية الأرواح والممتلكات».
وأضاف أن «الندوة تركز بشكل أساسي على تحسين آليات إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز الوعي المجتمعي للوقاية من مخاطر الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة،
إذ لا يمكن الحديث عن حلول دون التطرق إلى ضرورة التخطيط الاستباقي، وتنسيق الجهود بين مختلف الجهات المعنية، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال».
وأشار إلى أن الجهات المعنية في الدولة، متمثلة في المركز الوطني للأرصاد، والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، أطلقت تحذيرات قبل تعرض الدولة لمنخفض الهدير بوقت كافٍ،
لكنّ هذا لم يَحُل دون مواجهة تحديات صعبة، مؤكداً ضرورة التعامل بجدية مع أي تحذير متعلق بالطقس حتى لا تتضرر البنية التحتية أو يحدث شلل في حركة المرور،
ويعاني الناس مشكلات، مثل غرق السيارات وغير ذلك من مظاهر صاحبت سقوط الأمطار، لأن العالم ينظر إلى الإمارات باعتبارها نموذجاً راقياً ومتقدماً للدول.
وشدد الفريق ضاحي خلفان على ضرورة وجود ضمانات لعمل آليات الإنقاذ والطوارئ بكفاءة، وحماية المنازل من تسرب المياه إلى السراديب،
وتوفير آليات لتحويل الطرق إلى بدائل لم تتضرر من الأمطار، وتشكيل فريق من الجهات ذات الصلة، يتولى إدارة الأزمة في جميع مراحلها.
بدوره، قال القائد العام لشرطة دبي، الفريق عبدالله خليفة المري، إن «تطبيق قاعدة المرونة في التعامل مع هذا النوع من الطوارئ، يستلزم ثلاث مراحل رئيسة: التنبؤ، والتعامل، والتعافي»،
مشيراً إلى توفير المرحلة الأولى المتعلقة بالتنبؤ، وقد صدرت تحذيرات كافية من مركز المرونة بشرطة دبي، تضمنت 14 شرياناً حيوياً في الإمارة،
بحيث تغطي وتعمل بكفاءة، لكن هذا لم يتحقق في المرحلتين التاليتين بالشكل الأفضل، ما عطل حركة فرق الإنقاذ، وحال دون عملها بالكفاءة الاعتيادية.
وأضاف أن «الجهات ذات الصلة بذلت قصارى جهدها خلال التعامل مع منخفض الهدير وما صاحبه من هطول أمطار استثنائية،
لكن يظل من الدروس المستفادة، تفعيل رسائل التوعية والتحذير على غرار ما يحدث في دول مثل أميركا خلال الأعاصير والفيضانات».
وأشار إلى أنه حضر بنفسه استعدادات ولاية فلوريدا الأميركية لإعصار عنيف، وكيف عملت جميع الأجهزة على تأهيل الناس للتعامل مع الموقف، من بداية تأمين احتياجاتهم، والملاجئ التي يتحتم عليهم اللجوء إليها،
لافتاً إلى أن تغيرات الطقس صارت واقعاً في العالم أجمع، ويتحتم التعامل معها بشكل استباقي، خصوصاً في ظل توافر المعلومات مقدماً.
ارتفاع متوقع لسقوط الأمطار
بدوره، قال مدير مركز العمليات الوطني بالهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، الدكتور سيف جمعة الظاهري،
إن «الدراسات تؤكد وجود ارتفاع متوقع في مؤشر سقوط الأمطار على الدولة خلال السنوات الـ10 المقبلة بنحو 40%، وهذا يفرض علينا الاستعداد الكافي للتعامل مع أي ظروف غير اعتيادية»،
لافتاً إلى أن «هناك ضمانة كاملة من الهيئة بصدور التحذيرات قبل الحدث بوقت كافٍ»،
وأضاف: «أثبتت التحديات التي واجهتها الدولة خلال منخفض الهدير أن هناك هواجس في هذا الشأن يتحتم العمل عليها، لأن الأمطار ستسقط في جميع الأحوال».
ولفت إلى أن الأمر الثاني يتعلق بتوعية المجتمع، لأن هناك تحديات لمست في استجابة نسبة كبيرة من أفراده، خصوصاً الذين لا يفضلون ترك منازلهم، رغم التحذيرات من احتمالات تضررها،
منوهاً بأن رسائل الهيئة تصل إلى الجميع، واتخذت إجراءات فورية شملت تعطيل الدراسة والعمل، وتأجيل الفعاليات، لكن يظل التحدي الأكبر الذي يجري العمل عليه، هو جاهزية البنية التحتية لهذه المتغيرات.
وأفاد بأن الهيئة استحدثت نظام الإنذار المبكر القوي الذي استخدم خلال جائحة «كورونا»، وواجه لاحقاً تحديات تم حل 99% منها.
وأشار إلى أن الطوارئ لا تقتصر على الأمطار فقط، لكن تمتد إلى مظاهر أخرى، مثل الضباب، وطرح حلول لتفادي الحوادث المركبة التي قد تنجم عنه، وتوعية الناس بأفضل الممارسات.
أجواء استثنائية
من جانبه، قال مدير إدارة الأرصاد الجوية بالمركز الوطني للأرصاد، الدكتور محمد العبري،
إن «هناك تكراراً للأحوال الجوية الاستثنائية منذ عام 1957 على فترات، فشهدت الدولة حالة في عام 1983 ثم عام 2003 وأخيراً العام الجاري، لكن اللافت أن نسبة سقوط الأمطار في ازدياد مع كل نمط جديد».
وكشف العبري عن تغيرات مناخية من المتوقع أن تتأثر بها الدولة في ظل حالة التغير المناخي العالمي،
تشمل ارتفاع متوسط درجات الحرارة الصغرى والعظمى في المستقبل، ويصاحب ذلك عواصف رعدية وأعاصير، ما يعني زيادة نسبة سقوط الأمطار شديدة الغزارة والبَرَد.
وقال إن «التغيرات المناخية المتوقعة في ظل سيناريو الانبعاثات المنخفضة بحلول نهاية القرن، تميل إلى زيادة تدريجية بنسبة 20% فأعلى من الأمطار، وما يصاحب ذلك من تصاعد كثافتها، وزيادة تدريجية لأعلى هطول للأمطار في يوم واحد، وزيادة عدد الأيام».
%90 نسبة دقة توقعات الحالة المناخية
قال مدير إدارة الأرصاد الجوية بالمركز الوطني للأرصاد، الدكتور محمد العبري، إن «نسبة دقة توقعات الحالة المناخية تصل إلى 90%»، لافتاً إلى أن النسبة تتفاوت بحسب الحالة، وتقل فقط عند التكونات المحلية،
وأضاف أن «هناك إشكالية في قراءة النشرة الجوية بصورة صحيحة، فحين يُعلن مثلاً عن سقوط الأمطار بالمنطقة الشرقية، لا يقرأ الناس سوى كلمة سقوط الأمطار،
وحين لا يتحقق ذلك يظنون أن التوقعات لم تكن دقيقة، ويؤثر ذلك في استجابتهم لاحقاً، لكن لو دققوا في ما يُعلن سيدركون أن التوقعات تتناول مناطق بعينها».
جاهزية الشرايين والمواقع الحيوية في دبي
قال مدير إدارة المخاطر المؤسسية واستمرارية الأعمال في بلدية دبي، محمد الظنحاني، إن «البلدية بدأت مباشرة في تنفيذ مشروعات قصيرة الأجل، وأخرى بعيدة المدى، لتفادي المشكلات التي صاحبت منخفض الهدير»،
وأشار إلى أن هناك حلولاً لضمان عدم تكرار ذلك، تشمل: زيادة الطاقة الاستيعابية للأمطار، وتصريفها بشكل فوري بالشراكة مع شرطة دبي وهيئة الطرق والمواصلات والجهات ذات الصلة في الإمارة.
ابتكار يحمي مركبات الإنقاذ من مياه الأمطار
كشف مدير الإدارة العامة للدفاع المدني في دبي، الفريق راشد ثاني المطروشي، عن ابتكار حلول لمشكلة تقنية واجهتها مركبات الدفاع المدني خلال تجربة «منخفض الهدير»، وهي تعطلها بسبب وصول المياه إلى الفلاتر،
وأضاف أن «الفريق التقني بالإدارة تمكن من تغيير مواصفات المركبة، فنقل مكان اللوحة الإلكترونية من أسفل الآلية إلى الأعلى، وتم تزويدها بقطع خارجية تحول دون تضررها من المياه»،
لافتاً إلى أنه أضافها إلى مركبته الشخصية، وتمكن من مساعدة نحو 25 عائلة في إمارة الفجيرة.
وتبنى اقتراحاً باستخدام حواجز بلاستيكية، يمكن أن تتحول إلى حوض كبير تجمع فيه المياه المتراكمة بالشوارع، كما يمكن استخدامها لمنع وصول المياه إلى السراديب.