
ما الذي يفسّر تراجع صبيب شلالات أوزود رغم الأمطار والثلوج؟
بيئة وعلوم
أثار الانخفاض الملحوظ في تدفق مياه شلالات أوزود، بإقليم أزيلال، موجة من التساؤلات، خاصة أنه تزامن مع فترات عرفت تساقطات مطرية وثلجية مهمة. هذا الوضع دفع مختصين إلى البحث في الأسباب العلمية الكامنة وراء هذه الظاهرة، بعيداً عن التفسير السريع المرتبط بالجفاف فقط.
ظاهرة متكررة وليست استثناءً
يرى مهتمون بالشأن البيئي أن ما تعرفه شلالات أوزود ليس حدثاً معزولاً، بل سبق تسجيل حالات مشابهة خلال السنوات الأخيرة. ورغم أن الجفاف الهيكلي الذي يعانيه المغرب يؤثر على الموارد المائية، إلا أن توقيت هذا التراجع يطرح علامات استفهام إضافية.
تفسير جيولوجي محتمل
في هذا السياق، أوضح هشام وديع، مرشد سياحي وباحث في الجيولوجيا بالمنطقة، أن انخفاض منسوب الشلالات تكرر عدة مرات في السابق، وغالباً ما كان يحدث في فترات تشهد تساقطات مهمة، ما يستبعد أن يكون الجفاف السبب الرئيسي.
وأشار إلى أن البنية الجيولوجية الكلسية التي تميز المنطقة تلعب دوراً محورياً، إذ تحتوي التربة على شقوق وفراغات واسعة تسمح بتسرب كميات كبيرة من المياه نحو باطن الأرض. هذا التسرب القوي يخلق ضغطاً داخل الشبكات المائية الجوفية، ما يؤدي إلى عرقلة خروج مياه العيون التي تغذي الشلالات.
دور الأوحال وتغير المسارات المائية
وأضاف المتحدث أن السيول تجرف معها الأوحال والأتربة، التي قد تسد بشكل مؤقت منافذ العيون، فتُجبر المياه على تغيير اتجاهها والبحث عن مسارات بديلة تحت الأرض. ونتيجة لذلك، ينخفض صبيب الشلال دون أن يتوقف كلياً.
وأكد وديع أن هذا الوضع يبقى مؤقتاً، حيث تعود المياه تدريجياً إلى مجاريها الطبيعية بعد تصفية الممرات الجوفية من الرواسب، ليسترجع الشلال قوته المعتادة.
الضغط المناخي وتزايد الطلب على الماء
من جهته، اعتبر محمد بن عبو، خبير المناخ والتنمية المستدامة ورئيس المكتب الوطني لجمعية “مغرب أصدقاء البيئة”، أن استدامة جريان شلالات أوزود ترتبط بشكل وثيق بالغطاء الثلجي، إذ يضمن ذوبانه المنتظم تغذية الأودية والشلالات على مدار السنة.
وأوضح أن تعاقب سنوات الجفاف والإجهاد المائي أثّر بشكل مباشر على الموارد المتاحة، خصوصاً مع الارتفاع المتزايد في الطلب على المياه لأغراض فلاحية، ورعوية، وغابوية، إضافة إلى الاستعمالات البشرية المتنامية.
تدخلات بشرية تزيد من حدة المشكلة
وأشار بن عبو إلى أن استغلال المياه في المناطق العليا للشلالات، سواء عبر السقي أو تحويل الموارد لفائدة قطاعات أخرى، ينعكس سلباً على الصبيب، وقد يؤدي إلى تراجعه بشكل واضح، حتى في الفترات التي تعرف تساقطات مهمة.
متى يعود التدفق إلى طبيعته؟
وختم الخبير المناخي بأن التأثير الإيجابي للأمطار والثلوج الحالية لن يظهر فوراً، بل مع ارتفاع درجات الحرارة وبدء ذوبان الثلوج. حينها، يُتوقع أن تستعيد شلالات أوزود تدفقها القوي الذي طالما ميزها، مؤكداً أن ما يحدث اليوم لا يخرج عن كونه تفاعلاً طبيعياً ومعقداً بين المناخ والجيولوجيا والنشاط البشري.
Share this content:













